تخطي للذهاب إلى المحتوى

الصحافة الرياضية تُدفن بين الأزمات اللبنانية وبين شِباك السياسة والإهمال

(واقع وحالة الصحافة الرياضية)

الصحافة الرياضية مع جمهورها كالأم التي تحتضن أبنائها

العالم الشاسع الممتلئ بالتفاصيل مشغول بها، من هي أهي لهذه الدرجة محط اهتمام، هي كمثل بوصلة منسوجة يدور حولها الكون. تحتوي في طياتها على رسائل، بل أيضًا يستخلص من حكاياتها دروس عديدة. هي باتت كالأم تحتضن أبناءها، فهي محور لشريحة كبيرة من العالم.

هذه الأم جالت الأرض وخلّفت بصمة في كل ناحية من نواحي هذه الأرض، حتى استقرت في لبنان. جالات وحالت هذه الأم وعملت وكدّت في مجالها لكن الحياة لابد لها من عقبات.

مَن هذه الأم، أصحيح أن أبناءها كُثر، وأنها ضعفت واثقلتها أمراض الحياة. هي حركات الصحافة الرياضية اللبنانية والتي فتك بها سرطان أدى إلى تدهور قصتها.

هذه القصة التي يركض ورائها الكثير، هذه القصة التي كانت المتنفس الأخير للكثير، لكن هذا السرطان أتى وفتك محور الصحافة الرياضية، وقتل الكثير من جمهورها قتلًا معنويًا، بل أنّه حال بين لبنان وبين أبناءه حتى رأينا هجرات ادمغة الصحافة نحو العالم الخارجي. الصحافة ليست وحدها مَن تضررت وأضرارها كانت من عوامل عدة، بل إنّ السرطان فتك أيضًا بالرياضات التي تقوم على أساسها هذه الصحافة والتي يعيش من أجلها اللبنانيون.


من أين بدأت هذه الإنتكاسة؟
قبل الغوص والخوض بالمعاني والمصطلحات التي تحدد الصحافة وتعطي شكلها الأساسي في هذا العالم السريع التطور، في لبنان كانت الصحافة كالمحرقة، مرّت بفترات حروب وانشلت حركتها حتى ومرت بعقبات كثيرة طالت الصحافي كشخص، وطالت المهنة نفسها، بعض العقبات وجدت لها حلول حتى الوصول الى الإنتكاسة الأخيرة والتي هي الفجوة الأساسية التي دمرت الصحافة الرياضية في لبنن. فمن أين بدأت هذه الإنتكاسة وما بعض العوامل التي عملت على انتكاستها. هنا كان لابد الحديث مع من شهدوا ازدهار الصحافة الرياضية ولمسوا أبواب انتكاستها الصحافي اللبناني حسين ياسين لذي عمل كإعلاميًّا رياضيًّا لسنوات والذي حدثنا عن أحداث انتكاسة الصحافة وكيف بدأت ومن أين.



2 صحيح أنّ بعض مهارات الصحافيين تتبلور خلال ممارستهم للعمل الصحفي، وأنّ البعض منهم يعمل في هذا المجال بعزيمة وشغف واصرار. لكن، هذا الأمر لم يكفي الصحافة الرياضية اللبنانية حتى تمشي نحو طريق الأضواء.

الاعلام الرياضي أو الصحافة الرياضية اليوم عندما نراها تستفيق، ومن ثم نغيب عن ناظريها ولهةً، نجدها هبطت درجات كبيرة. وهنا كان لابد من الحديث مع من عاشروا الصحافة الرياضية ووجدوا المفارقة بينها وبين العالمية من خلال عملهم في أكثر من قناة وفي أكثر من دولة.

1 الصحافة الرياضية نشأت كصحافة أنشطةٍ فرديّة وهواياتٍ وتسلية قبل أن يتفرّع عنها تخصصات رياضية دقيقة. لكن اصبروا هذا ليس في لبنان بل في العالم. فالصحافة الرياضية اللبنانية نشطت في سوق عمل تنافسي كبير، وفي جو من الضعف المهني والاحترافي، وكصحافة متخصصة تحتاج إلى الكثير من الأزمان حتى تصبح تحاكي تخصص الرياضة في عملها.  

3 فكان لابد من الحديث مع الدكتورة اللبنانية ستيفاني سعد مقدمة ومراسلة قناة بي ان سبورت التي قالت: أنّه "اذا أردنا التطرق إلى وضع الصحافة الرياضية في لبنان والعالم فعلينا حقيقةً الفصل بين المقارنتين، أو على الأقل التحدث عن كل وضع بشكل منفصل."

ما بين الصحافة الرياضية اللبنانية والصحافة العالمية مساحة لا تدعو للمقارنة، فالمساحة والمجال مختلفان على عدة أصعدة وهذا ما أكدته الدكتورة سعد حيث قالت:"إن الصحافة الرياضية اللبنانية رغم المهارات والشغف ، الا أن هذا المجال يحتاج إلى الكثير من الدعم، من خلال اعتبار المجال كأي مجال آخر ." هذا الأمر الذي تكلمت عنه الدكتور ستيفاني لينجح لابد من منح القطاع الرياضي والصحافة الرياضية أهميةً أكاديمية، وصولًا إلى المراحل التطبيقية.


الأزمات اللبنانيّة

هذا الإعلام الرياضي الذي حط رحاله في لبنان والذي كان لابد أن يشهد التطور كما يشهده الآن بعض الإعلام العربي الرياضي كالإمارات وقطر والسعودية نعم دولة عربية كبيرة ولكن لبنان كبير أيضًا بجمهوره الذي يعيش من أجل هذه الرياضة. 

هذه الصحافة الرياضية اللبنانية ظهرت مع الحركة الرياضية المنظّمة في أواخر الثلاثينيات، حيث شكلّت اتحادات وطنيّة لها. لكن واقع هذه الصحافة بان التآكلفيه والإنتكاسة التي تحدثنا عنها لم تنتهي فعواملها كثيرة، قطاع الصحافة الرياضية كبير جدًا وعلى كبر حجمه توغل فيه السرطان وفتك به، سرطان نقل واقع الصحافة الرياضية من حالة إلى حالة ومن عصر إلى عصر. 

وفي مقابلة مع الإعلامي حسن شرارة مدير مكتب الرياضة في قناة الجديد ورئيس وحدة العلاقات العامة في وزارة الشباب والرياضة أجاب شرارة عن واقع الصحافة الرياضية اليوم وتغطيتها كالتالي

الصحافة الرياضية، كانت كالأمواج تارة ترتفع وتارة اخرة تنخفض كما قلنا، لكن الصحافة الرياضية سابقًا كانت تشهد تحسن أفضل من اليوم ورأينا ذلك في تغطية الألعاب العربية التي حدث في لبنان عام ١٩٩٧، كذلك في بطولة كأس اسيا في كرة القدم، والعديد من البطولات الآسيوية في كرة السلة ورياضات أخرى أيضًا. لكن، السرطان الذي دخل في دم الصحافة هو عند دخول لبنان في حالة الأزمات حتى أصبحت هذه الأزمات تنعكس بشكل كبير وعنيف على الصحافة الرياضية، لأن الإعلام الرياضي كان يرتكز على الإعلانات ومع دخول هذه الازمات بدأت قيمة الإعلانات تتراجع ما يعني الصحافة الرياضية تتراجع.

مما لا شك فيه، أن لبنان يعاني وشعبه يعاني وأغلب القطاعات فيه تتناحر ىحتى تبقى في مساحة الضوء. قطاع الإعلام الرياضي اليوم بفعل الأزمات الإقتصادية التي مرّت على لبنان واستقرت فيه أحدثت الفجوة الكبرى مناصفة مع السياسة في قتل قطاع الصحافة الرياضية وكانوا السرطان الأكبر الذي جعل حالتها هكذا. كما لا ننسى أن بعد أزمة كورونا الحركة الرياضية في البلد تعطلت وأغلب الصحافيين الرياضيين خسروا أعمالهم هذا ما عمل على شرخ الصحافة الرياضية عن مسارها الطبيعي. وهذا ما أكده الصحافي والمعلق الرياضي علي حداد عن واقع الرياضة حيث قال أن "الرياضة بعد أزمة كورونا إنتهت وأنهت معها الصحافة الرياضية."

السرطان السياسي والصحافة الرياضيّة 

لبنان هو معقل الأحزاب والتيارات السياسية، هذه التيارات قبضت على الكثير من القطاعات التي تخص الشعب اللبناني وتهمه. من ضمن القطاعات هذه كان القطاع الرياضي الذي أحكم عليه سياسيًّا بل بتنا نرى البعض يأخذه نحو الأجندات الخاصة السياسية.

بل بتنا نرى البعض يأخذه نحو الأجندات الخاصة السياسية. هذا الحال في لبنان طغى على المؤسسات الاعلامية حيث باتت تضع الرياضة والإعلام الرياضي في أسفل الاهتمامات، واثناء متابعتنا للمباريات والتغطيات الرياضية نرى إعطاء الأولوية للأخبار السياسية وخاصة في المباراة الأخيرة على قناة الـmtv حيث بدأوا يعتذرون من المتابعين لتأخر النشرة الإخبارية بسبب مباراة كرة السلة. نعم هناك تغطية اعلامية للرياضة في لبنان لكن ضعيفة جدًا لأن بعض المؤسسات تتعامل مع الرياضة كخبر في نشراتها الإخبارية وهذا ما أكده الاستاذ شرارة حيث قال:

هذه العوامل والضغوطات السياسية هي كالأثقال التي تكسر ضهر الصحافة الرياضية، بالإضافة الى ذلك الإتحادات التي يتم تعينها بفعل هذه السياسات، فكل إتحاد رياضي اليوم بات يغني على ليلاه. وكيف تنجح الصحافة الرياضية من دون الرياضة. فسرطان السياسة كما أكل من الصحافة توغل وأكل من جذور الرياضة. لكن هنا يأتي دور الصحافي الرياضي المؤثر من خلال الخروج من دائرة السيطرة السياسية واعطاء أهمية للصحافة الرياضية.الصحافي الناجح رأيناه مع كل الضغوطات السياسية والأزمات التي يعاني منها لبنان بقي يعاند كل الظروف حتى يستمر بعمله ويستثمر مهاراته لدعم هذه الصحافة وتحدياته التي منعته من الذهاب الى التغطيات الكبرى، هي كمثل تحديات الصحافة نفسها وهذا ما أجاب عنه الصحافي حسن عطيّة.

التغطية

 
الكثير من الرياضات اللبنانية تفتقر اليوم إلى التغطية الإعلامية بعضها يتم تغطيته قليلًا والبعض الآخر غابت التغطية عنه كليًّا ومن خلال بحثنا عن هؤلاء اللاعبين وجدنا بعض منهم كالبطل محمد الحسيني الذي ذهب الى بطولة العالم لكمال الأجسام من دون اي دعم من لبنان وقد فاز بالبطولة ولم يتحدث عن انجازه احد الا بعض الاشخاص على صفحات التواصل الاجتماعي، وغيره كالعداءة الذهبية ميساء معوض ولاعبة الجمباز المتألقة كاترينا زغيب وغيرهم من الرياضيين اللبنانيين الذين يرفعون اسم لبنان في مختلف دول العالم. هذه الأسماء غابت عن التغطية الإعلامية حيث قال الصحفي حسن عطية أن "هناك أخبار نضعها حتى يأخذ الأشخاص حقهم لكن أكثر هؤلاء الأشخاص الذي يتم تغطيتهم هم من يسجلون مواقف للقضية الفلسطينية."

كما أن ضعف هذه التغطية تغيب عن الفئات العمريّة في الرياضات حتى في كرة القدم حيث يذكر لاعب نادي الأهلي النبطية الواعد علي رضا أن "في لبنان لا أحد يهتم لتغطية الفئات العمرية، أو اجراء مقابلات وتصريحات من اللاعبين بعد كل مباراة إلا الأستاذ عامر شميّطلي صاحب صفحة اللاعب العربي." هذا الأمر وضعف في التغطية في مختلف الرياضات ومن ضمنها بعض مباريات كرة القدم والسلة يعود لأسباب كثيرة ذكر الأستاذ حسن شرارة منها: "العتب الاول يقع على الإعلام الرياضي لعدم تغطية احداث هذه الألعاب، لكن هناك أمر على اللبنانيين ان يعلموا به الاعلام الرياضي في لبنان لا يستطيع ان يلحق كل الرياضات اذا لم يكن هناك اتحادات تتابع مع الاعلام ان لديها بطولة هنا وبطولة هناك نظرًا لقلة العاملين في القطاع الرياضي الإعلامي وقلة الباحثين."

اللاعبين اليوم هم ضحية فساد إعلامي لدى الاتحادات الرياضية التي يغيب عنها او عن بعضها اعلاميين يفقهون بالإعلام الحديث حيث قال حسن شرارة إنه " أي اتحاد رياضي يحترم نفسه وليس لديه مسؤول إعلامي ومسؤول عن السوشيال ميديا هو اتحاد لا يحترم نفسه ليس له بالحق ان يلوم الإعلاميين بعدم تغطية أحداث الألعاب التي يديرها."